نعد غرباء عن الواقع العربي و هذه الثقافة، نجهل ما يحصل على الأرض. لقاء مع الفنانة الإسبانية كارولينا أندرادا Carolina Andrada
البث العربي من الراديو الاسباني الخارجي |حلقة جديدة من برنامج “مستقبل واعد”
صدى إسبانيا – مدريد
“مستقبل واعد” برنامج أسبوعي يبث على الإذاعة الإسبانية الخارجية ضمن البث العربي.
من إعداد و تقديم الإعلامية
أ. شيرين دجاني.
للاستماع إلى الحلقة كاملة :
نرحب بكم مستمعينا الأعزاء في حلقة جديدة من برنامجكم مستقبل واعد، في حلقة اليوم سيكون لنا لقاء مع الفنانة الإسبانية Carolina Andrada، فنانة شابة حاصلة على شهادة الدكتوراه في الفنون الجميلة، الرسم والسوبرانو، تدربت في عدة جامعات، إسبانية وأجنبية فالنسيا، مدريد، ميونخ وإلتشي. عرضت كارولينا معارضها في مناسبات عديدة وحصلت على جوائز ومنح دراسية مهمة لتدريبها.
عرفت كارولينا منذ أن كانت صغيرة أنها تريد دراسة الفنون الجميلة ، لأن الفن هو حياتها.كما رافقت الموسيقى الفنانة منذ صغرها ، وبدت موهبتها واضحة ،نشأت وهي تستمع إلى الأوبرا وتقوم بالرقص ، وهما ركيزتان أساسيتان في التدريب الفني لكارولينا.
في يونيو 2017 ، وصلت كارولينا إلى المرحلة النهائية في مسابقة Ópera de Medinacelli, Soria.
أقامت حفلات أوبرا في عدة مدن في مقاطعة أليكانتي ونافارا ومدريد. كان عام 2019 عامًا حافلا بالحفلات الموسيقية لكارولينا؛ من بينها Ateneo de Madrid، في المركز الثقافي Asturian، وفي متحف la Casa Museo El Romeral de Mayte Spínola en Madrid.
تمثل كارولينا المرأة في عصر النهضة الجديد لثقافة اليوم. تتكرس للبحث في فلسفة المناظر الطبيعية في الرسم ، إن اللفتة التعبيرية والتوسعية في أعمالها تضعها كواحدة من أكثر الفنانين الشباب إثارة للاهتمام ، أعمالها تتجاوز الوصف لتتغلغل في قلب فنها ، و تحول الواقع غير الملموس إلى صورة ، صورة لا يمكن التقاطها بالحواس فقط.
في هذا الحوار سنسلط الضوء على العلاقات الثنائية و الإنسانية بين المجتمع الاسباني و العربي من خلال نقل التجارب و التعايش بأشكال مختلفة، وقد عبرت الفنانة عن عمق المشاعر المتبادلة مع مثيلاتها من العالم العربي و التطلع الى مستقبل تعاون واعد في هذا المجال الفني الثقافي .
لماذا اخترت دراسة الفنون الجميلة ؟
في الحقيقة كان بالنسبة لي جليا منذ الصغر و كان والدي رساما و نحاتا أيضا، و بالتالي نشأت في مناخ ملائم لذلك ، منذ الطفولة قمت بالرسم و التلوين في دفاتري ، كنت أشعر انني فنانة منذ صغري و أشعر بشغف الفن ، كنت أحلم أن أدرس الفنون الجميلة و هذا ما تم فعلا .
ما هي سوابق اختيارك للغناء الشعري و الكلاسيكي ؟
مع مرور الوقت وعندما أصبح صوتي ناضجا، أيقنت أنني امتلك أذنا موسيقية و صوتا غنائيا خاصة عند حضور هذا النوع من الغناء و تذوقه، مما دفعني للطلب من والدتي بتنفيذ رغبتي في الغناء الكلاسيكي الاوبرا ، و هكذا بدأت و ان كان قد جاء متأخرا بعد الرسم ، غير ان البداية كانت بالتأكيد الغناء الذي وعيت عليه منزليا منذ الصغر .
هذا يعني أن هناك أسبقيات فنية في عائلتك ؟
صاحبتني الموسيقى منذ البداية أي منذ الصغر ، و في هذا الصدد كان الفضل فيه لوالديَّ و خاصة الوالد الذي كان يمتلك صوتا غنائيا في مجال الأوبرا و فعليا درس الغناء في مجال الغناء الشعري في الأرجنتين و كان صوته جميل و قاموا بتسجيلي في مجال الباليه ، هذا بدوره ساهم في نشأتي و تربيتي و ميولي نحو الموسيقى الكلاسيكية.
كيف درست الغناء و الموسيقى ؟
فيما يتعلق بالموسيقى لم أدرسها في معهد الموسيقى وإنما في أكاديمية خاصة بين بلدين و هما ألمانيا و إسبانيا و هذا بسبب انكبابي للدراسة الجامعية لسنوات طويلة في مجال الفنون الجميلة و بالتالي لم استطع التوفيق بين معهد الموسيقى و الدراسة ، لهذا تدربت على أيدي مختصين موسيقيين .
ماذا عن رقص الباليه ؟
فيما يخص الرقص الكلاسيكي امتد على مدار أكثر من عشر سنوات أي منذ كنت طفلة و حتى سن المراهقة ، نفس الشيء ينطبق على هذا الجانب حيث كنت متعلقة جسديا وروحيا بالرقص و لكن بعد انتهاء فترة المراهقة و دخولي الجامعة غلبت الدراسة الجامعية على الرقص لأنه يتطلب جهدا كبيرا و التزاما صارما و الكثير من الوقت ، غير أنني عدت بعد بلوغي سنا متقدما في نهاية العشرينات لممارسة الرقص و لكن كهاوية لا أكثر لأنني أحبه كثيرا .
لماذا اخترت التعمق في الدراسة الجامعية و الهدف من ذلك ؟
الهدف الاخير بكل صراحة كان تولعي واهتمامي بالبحث على المستوى الجامعي، كنت متيمة بالمناخ الجامعي ونيل الدكتوراه، هذا ليس بهدف التدريس بحد ذاته وإنما رغبة في تراكم الخبرة والكفاءة الذي يوفره التدريس، الأمر الذي لم أقم به حتى الآن وإنما فقط قمت بممارسة الجوانب الفنية من مهنتي.
لماذا ابتعدت عن النحت رغم أنه من صلب دراستك للفنون الجميلة؟
لا لم أتدرب على النحت ، بل اخترت الرسم غير أنه بالنسبة للنحت فإنني معجبة به ، كما تعلم في دراسة الفنون الجميلة كغيرها من الدراسات عليك أن تختار تخصصا محددا ، من جهتي اخترت الرسم ، هناك من استطاع اختيار المجالين الرسم و النحت معا ، أنا لم أقدر على ذلك لأنني جمعت بين الرسم و الموسيقى ، كما أنني لم استطع أن اتابع الرقص أيضا و لكنني أعشقه كما أعشق النحت.
ما هي أهم التحديات التي تواجه الفنان ؟
أعتقد أن التحدي الأكبر أن تكون متأكدا و في حالتي متأكدة بأنني أريد السير الى الامام لأن الطريق ليس سهلا ، و بمقدار تمدد الوقت وازدياد خبرتي تتقلص فرص العمل و تغلف الأبواب غير أن حجم ثقتي بنفسي وايماني بما تشكله من تعلق سواء على مستوى الفنون الجميلة الرسم أو الموسيقى هو الشيء الوحيد الذي يولد لي الأمل و التطلع إلى مستقبل أفضل .
ما هي العلاقة بين الموهبة و الجهد الفني ؟
رغم الانطلاقة من موهبة طبيعية إلا أن 90% من النجاح يستند الى الجهد بالعمل والمثابرة المتواصلة وأن يكون سلوكك إيجابيا مع كل أنواع الفنون، لأنه في حال كنت لا تتمتع بصفاء المزاج والذهن فلن تستطيع الأداء بجودة والتواصل مع جمهورك لأنني اعتقد أن أغلبية الفنانين هم قنوات تواصل وتأثير نحو الآخرين، وهذا هو الهدف والمغزى لجهدي كفنانة.
ما هو تصنيفك للفن و هل أنت مع مدرسة الفن لأجل الفن ؟
كنت ولا زلت أعتقد أن الفن والفنانين يشكلون جسرا نحو الحرية والجمال، كما أعتقد أيضا أنه إذا ما نبع الفن من حقيقية عميقة أي من القلب فإنه يشمل كل ما يتعلق بالجمال والمشاعر والأحاسيس، ليس بالإمكان لمسها، ولكن يتم الإحساس بها وهذا بحد ذاته تعبير عن الحرية أي أنك متحرر من الشروط المادية وانعكاساتها، أي أنك حر بالكامل.
ما هي علاقتك مع جمهورك ؟
عن الحديث عن نفسي أقول أنا كامرأة ذات نزعة للإتقان، ربما يعود الأمر الى إحساس أو رقة شعور طبيعية امتلكها منذ ولادتي، هذا الأمر أتاح لي التقاط أبعاد ومواقف يمكن تسميتها بالطاقة، هذا أمر جيد بالنسبة الى الابداع الخيالي لكن بالمقابل رقة الاحاسيس تولد لك أيضا مشاكل أخرى حيث تلتقط تلك الجوانب التي أنت في غنى عنها، ربما عليك أن تكون محصنا، لكن في نهاية الأمر أنظر الى الأمور بإيجابية.
كيف بدأت مسيرتك الحديثة مع العالم العربي ثقافيا ؟
أجل لا بد لي أن أقول بأنني فخوره وسعيدة جدا بتواجدي هنا واستضافتي في هذا البرنامج وكما تعلم لدي دائرة من الصداقات من العالم العربي وأنا وإن كنت أجهل بالثقافة العربية لأنني لم أحظ بعد بزيارة إلى أي من البلدان العربية، غير أنني ومن موقع المشاهد وعبر الكثير من الأشخاص والصداقات الحالية أستطلع بأن الثقافة العربية عريقة ويمكن تعلم منها الكثير.
ما هو انطباعك عن المرأة العربية على ضوء تجربتك الحالية ؟
أعتقد أنه بالتأكيد نحن الذين نعد غرباء عن الواقع العربي و هذه الثقافة نجهل ما يحصل على الأرض، لا نعرف عن هذه الثقافة و نمط تفكيرهن كوننا نتحدث عن المرأة العربية و لكن من موقع معرفتي المقتضبة يمكنني الاستشفاف بأن المرأة العربية محط اعجاب و ذلك من خلال علاقاتي مع عدد منهن، هم نساء رائعات يتحلين بمجموعة قيم، أغنياء بالروح و القلب و الذكاء كما أنهم فخورات ببلدانهم الأصلية سواء كن من ليبيا ، المغرب أم فلسطين أو أي مكان آخر، و بالتالي انطباعي إيجابي حيالهن ، صحيح أنني لم أقم باي عمل ثقافي مع هذه الثقافة لكنني تواقة و يشرفني ذلك.
ما هو فهمك للحب و علاقة ذلك بالفن ؟
في الحقيقة هو موضوع واسع غير أنه أساسي في حياة كل إنسان يقطن على سطح هذا الكوكب الذي نعيش فيه فالحب هو الشعور الرئيسي الذي يمكنه عمل المعجزات و يحرك كل شيء ، من وجهة نظري كفنانة كموسيقية و كرسامة أعتقد أنه ينعكس هذا الجانب بشكل عاطفي متقد ، انه لمن الجلي عندما تظهر مشاعرك نحو الخارج و تطبعه عبر لوحة أو أغنية كما هو في حالتي فإنما هو تعبير عن تعلق كما لو كنت تريد استحضار عشق الجمهور نحوك و أن تجعلهم يحبونك ، بالضبط هو كالعلاقة بين الهواء و النار متلازمان ففي داخلك النار و تحتاج إلى الهواء كي يشتعل .
ماذا عن الفن و الالتزام نحو شؤون المجتمع ؟
الفن يجب أن يكون ملتزما بمنظومة قيم دون الوقوع من وجهة نظري في مستنقع الابتذال، عليه أن يحتفظ بخصوصيته كفن وبجماليته، أنا واحدة ممن يفكرون ومن غير المؤيدين لتلك المقترحات الفنية التي سقطت بالابتذال وفي النهاية هذا مسار مخالف لجوهر الفن، من هنا فإن الفن الحقيقي هو دائما ملتزم بمحيطه وليس بالضرورة أن يختزل بالجانب السياسي، بل يمكنه الالتزام بمظاهر أخرى كالطبيعة والجمال والإنسان كإنسان.
كامرأة ما هو رأيك في إشكالية العنف الذكوري ؟
فيما يخص العنف الجنسي الذكوري ، أعتقد أن المسؤولية لا تقع على عاتق جانب واحد بل على الجميع و إن بمستويات مختلفة كما أنني لست من أصحاب رأي تحميل الرجل كل المسؤولية ، إنها مشاكل تخص الكل، و هنا تقع المسؤولية على وسائل الاعلام التي طالما سلطت الضوء على الجوانب الإشكالية في العلاقات بين الجنسين ووسعت من بكارها، ان ذلك يقود الى نزعة الاستقطاب بين الأنثوية و الذكورية أي بمعنى نقل التناقض و الصراع بينهما إلى حيز الظهور في حين أن الواجب هو التأكيد على الجوانب الإيجابية في التكامل و التعايش بين الجنسين .
ما هي علاقة فنك بالمحيط الطبيعي أو المجتمعي ؟
مرات عديدة يمكن أن يكون تعبيرا صريحا واضحا وأحيانا أخرى إيمائي، بالنسبة لي ومن خلال الرسم أعتقد أنني أنحو نحو الجانب الإيمائي، أنا عاشقة مولعة بالطبيعة وأقوم برسم لوحات تعبيرية رومانسية وغابات ذات جمالية ملهمة.
مقطع مصور لحفل من عام 2019: